الأربعاء، 7 أبريل 2010

درج الذكريات

للكل حياة سرية يحفظها في درج ذاكرته ...ليست بالضرورة سيئة ....ليست بالضرورة جيدة ...انها تجارب ...تحفر و تنحت شخصيته ...لكنها تظل بداخله جزء منه أو ربما يكون هو جزء منها ....


-----------------------------------------------------------------------------------

إستيقظ كعادته كل صباح ...سلم نفسه لزخات المياه الساخنة مستمتعاً ....إرتدى ملابسه ثم شرب قهوته الصباحية ...ليس من عادته الإفطار أو حلاقة ذقنه في الصباح ...روتين يومي ...طقوسه الصباحية لا يغيرها ....بعد دقائق كان في سيارته...في جو الإسكندرية الشتائي العاصف...يوم ماطر جميل ...لا يعرف لماذا يحب هذا الجو ....خرج من الحي الراقي الذي يسكنه إلى طريق الكورنيش ....السيارات تسير على مهل بسبب المطر المنهمر ...مطر يغسل النفوس ...و الروح ...قبل إن يلامس الأرض ...ادار مذياع السيارة ...قفز صوت المذيع ليصطدم بإذنه ...إنفجار في بيروت ...قتلى في غزة ...أغلقه بضيق...دفع بعنف شريط إلى المسجل ...انسابت موسيقى الجاز إلى روحه ....كان يبدأ يوماً جديداً ....

سرعان ماوصل إلى مكتبه ...يشغل منصباً مهماً برغم صغر سنه ....

بادرته سكرتيرة الإستقبال بإبتسامة ذات مغزى يعرفها ...كان يعرف إن غموضه يثير شهية النساء ...ربما عيونه السوداء اللامعة الممزوجة بالذكاء و الحزن ...ربما رائحة عطره الفرنسي لا يعرف ...في النهاية لقد إكتسب لقب زير نساء ...و من يكتسب هذا اللقب يثير شهيتهم أكثر ....



إنهمك في العمل بكل طاقته ...بعد فترة إحتاج توقيع مدير الشركة ...لم يطرق الباب كعادته ...كانت سكرتيرة المدير الحسناء تقوم بواجبها اليومي في مداعبة المدير ...أصلحت ملابسها و خرجت بسرعة ...لم يعر الأمر أي إهتمام

رن تليفون مكتبه جاء صوتها مرتجفاً

أرجوك لا تفهم ماشاهدته خطأ

لم أشاهد أي شيء

إنهمك مجدداً في العمل ....انتصف النهار ...يقتات على القهوة و التبغ ....أمام صالة الإجتماع وقف يعابث زميل له ....جائت زميلة له وقورة..ليست باهرة الجمال ...أخذت تتحدث معه ....

لماذا تبدو مرهقاً هكذا ؟

العمل مرهق و لم أتناول شيئاً منذ الصباح

ماذا ستتناول على الغذاء ؟

لم أقرر بعد

استطيع أن أحضر إلى منزلك و أعد لك الطعام إذا شئت

الجمته المفاجأة لم يجبها ....

عاجلته مرة أخرى ..

انني أعرف انك تعيش وحدك ...ثم انني لا أخاف منك ....أجاب بسرعة ...

لكنني أخاف عليك مني ....

أخر إليوم طلب اجازة ...كان مرهقاً ...سيأخذ الغد بالإضافة إلى العطلة الأسبوعية ....يحتاج إلى الهدوء.....

ذهب إلى منزله ...طلب الغداء ....أكل ...ألقى بنفسه على سريره و غرق في سبات عميق .....

أسدل الليل ستاره.....أفاق من نومه على صوت جرس الباب ....تثاقل في القيام....لكن الصوت ألح ....فتح الباب وجدها أمامه ....وقف مشدوهاً ...

هل سأظل واقفة بالباب ؟

لا لا تفضلي ....

كنت نائماً ؟

نعم


لم يقتحم أحد حياته من قبل هكذا

إذهب لتأخذ حمامك و أنا سأحضر العشاء

ذهب و تتوالى في ذهنه ألف سؤال و سؤال ...إستسلم ...عندما خرج ...كانت حضرت العشاء ...

منزلك جميل ...ذو ذوق رائع ....

شكراً

لماذا تعيش وحدك ؟

أمي غالباً تقضي الشتاء عند شقيقتي في فرنسا ..

تناولوا العشاء على مهل...في صمت ...تدور بداخله نفس الأسئلة ...لم يسمح لها بإقتحام عالمه بهذا الشكل ....تتصرف كأنها سيدة المنزل ...

بعد إن انتهوا ...

ماذا تريدين ؟

أريد إن أشاهد غرفتك

شعر بالضيق

حسناً

ألسنا أصدقاء ؟

غمغم نعم ...هيا بنا

غرفته ...الفوضى المنظمة ...مكتبة مليئة بالكتب ...هاي فاي...إسطوانات ...سرير ...كنبة ..سجادة شرقية ...لون دافيء على الجدران ...حامل الرسم و أنابيب الألوان المتناثرة على الأرض ....على الحائط معلقة لوحة لحصان جامح ...لا يتذكر متى رسمها ...في أخر الحجرة طاولة مستديرة صغيرة موضوع عليها زجاجات الخمر من كل الأنواع .....الإضاءة كلها جانبية ...يكره الضوء المباشر

لم أتخيل كل هذا

أشعل لفافة تبغ ليقضي على توتره

هل ترسمني ؟

لست جيداً في رسم الوجوه

سارع ليصب من إحدى الزجاجات كأساً ليستعيد هدوئه

هل تريدين ؟

لم لا ...لكن شيئاً خفيفاً ....سلمها كأسها....أدار الموسيقى ..صدحت الأنغام و صوت أرمسترونج ملأ المكان ....

اصطدمت به ...احتضنته ...قبلته ....قبل إن يفيق ...كان يتقلب معها على فراش المتعة ....بعد إن هدأت عاصفة الجسد و خفتت الأنفاس الملتهبة ... القت برأسها على صدره و أخذت تعبث بسلسلته الذهبية ....

لماذا جئتي ؟

كنت اريد إن أدخل عالمك...المسه...اتذوقه ...

هل سترسمني ؟

لا أعرف

في إليوم الثالث من اقتحامها عالمه...قبلته مودعة ...كانت تحمل معها لوحتها...المرسومة فيها عارية ......



لا يعرف لم تذكر كل هذا الأن ...ربما لأنه رأها بعد سنوات مع زوجها في الشارع ...ربما يكون هذا هو السبب .........

هناك تعليقان (2):