ذلك الفجر البعيد ...منتزعاً بايدي الغريب ...معلقاً من قدميك و رأسك متدلياً لأسفل ....صارخاً ...غاضباً...خائفاً من السقوط...صدمتك الأولي ....
ضحكة الغريب البلهاء المرسومة علي وجهه متوجة نجاحه في مهمة الإنتزاع ....هذه الأصوات الفرحة بانتزاعك و صراخك المتوالي ....تحددت المواقف في اللحظة الأولي ....غضب علي ضفة و إبتهاج علي الضفة الأخري ...
ثدي الحنان الذي إلتقمته ..بعفوية ...يشهد انتزاعك الثاني ...دهشتك الثانية ...صدمتك الثانية ....حان الوقت و دق الجرس للإلتحاق بصفوف القطيع ...أصبحت أذناً بلا لسان ....تخبو تلك الضحكة الصافية رويداً رويداً ....أتذكر ؟ العبث ...أقرانك ....الأشياء ذات الملامح الجميلة ...التي تساقطت علي مر الزمن ....هذا التمرد السافر الذي أطل برأسه معلناً صرخات الرفض ....
أتذكر ؟
صدمتك الثالثة و الرابعة و كل السلسلة ....يوم ابحارك نحو دلتاها....ذلك الإلتحام ...الإلتهام....تلك التأوهات و الإهتزازات المتوالية ....يوم تبادلتم الإرتعاش ....العرق البارد الناضح من ذلك الجسد و لازلت تذكر .....
الطعنات في الخاصرة و الدم القاني المنفجر ....ضلعك الأعلي المغمس في ذلك السائل القرمزي اللزج....الصفحات الناصعة البياض و الكلمات المكتوبة بهذا السائل ...اصفرار الورق و وصوله لشيخوخته ....لون الكلمات الصديء ....الأحلام المصلوبة علي جدار الألم ...و المنسية و الأخري المخفية في ثنايا الأمل ....
هذا القلب السجين في قفصه العظمي إلي الأبد ....رهين القفص
تلك الأحشاء المنسكبة من اللحم المهتريء ....خطواتك للبحيرة المقدسة ....صورتك المتراقصة علي صفحة المياه الفضية....الحجر الذي القيته بعنف علي ذلك التراقص .....نظرتك إلي السماء ملوحاً بقبضتك ...صارخاً ....دمدمة السماء و انصرافك مغمغماً .....
التل البعيد حيث كنت جالساً ...تصاعد الحنق و غليان مراجل الغضب بداخلك ...حتي استحلت تنيناً محلقاً ....تنفث نيران الغضب علي المدينة الكرتونية و أصنام الجهات الأربعة ....ترقب تلك المدينة ألبائسة تحترق في اللهيب المستعر ....
مستمعاً لصرخات البؤس في الطرقات العطنة و تلك الرائحة ....
علي نفس التل دمعت عيناك ...تأمرت معك السماء و أمطرت ....ذلك الدخان الأسود من الركام و الأصنام الذائبة ....تكنس المياه كل هذا العفن و تبقي تلك الرائحة ....
عاري القدمين تمشي مخترقاً تلك الشوارع الضيقة ...تعلق بأنفك الرائحة ...تعلق بإذنك تلك الاصوات التائهة....تعلق ببصرك تلك المشاهد المؤلمة ....حتي تصل إلي تلك الدائرة الرخامية البعيدة ....البرودة التي تجتاحك من أسفل إلي أعلي ...لتتجمد نظراتك و يعلو وجهك تلك الزرقة الجليدية ....تتكسر ...أشلاء ....تتناثر .....محمولاً علي الرياح .....
تلك الرمال الدافئة و هدير الأمواج المتلاطمة ....القرص الذهبي ...هذا الهواء المنعش يضرب وجنتيك ....إنبعاث العنقاء من تحت الرماد و صراخها من بعيد معلنة بدء فصل جديد من تاريخ العبث ....
لا يهم فقد عدت من جديد طفلاً يلهو علي شاطيء البحر ناسياً تلك الرائحة .....
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق